للرّواية قابليّة إثارة الأسئلة الوجوديّة، وتعزيز القلق المعرفيّ لدى قارئها. وإذا ما ذهبت القراءة باتجاه الدّراسة البَينيّة المقارَنة، فلأنّ ربط الأدب بالحقول المعرفيّة الأخرى بات ملحًّا، وتقريب الأحداث والنّصوص في ما بينها يُشعرنا بحضور معنى “واو العطف” الواصلة بين العوالم والأشياء والأحداث والأمزِجة.
هذه القراءة، تتأمّل الآثار السرديّة من خلال عيون صنّاعها، وتعاين الجمال في ما صوّروه من مهانات بشريّة، وفي ما كشفته النصوص من قوة الحياة، في الانتقال من المعتم إلى المضيء. فالنفس البشريّة لا تتخلّى عن أشواقها الروحيّة وسعيها إلى تخطّي الحزن والغُمّة. ولعلّ في هذا العبور يكمن معنى التجربة؛ فالأمل يتجلّى فعلَ بقاء، هو الحق الإنساني في الظفر بالعيش.
هذه قراءة أكثرَ إنسانيّة، تُضارع النّصوص المتخيّلة في رسالتها حين أفردَت للمظاهر الحسّيّة مساحةً لا يحتاج معها القارئ إلى أن يفسّر العالم، بل إلى أن يشعر بما يتصوّره من تجارب مَعيشة للشخصيّات، وما كابدته من فجائع، ليمتلئ قلبه بالمعاني النّبيلة، ويعيشَ انفعالاته الخاصّة في انتقاله من ضجيج المكان المفجوع إلى سكونه، ومن صوت الجسد المتألّم جوعًا ومرضًا إلى الصمت، فيصعد من هذا الصّمت إلى صوت الرّواية. لعلّه صوت يتفوّق على البحوث العلميّة التي تضطّلع بالتعليلات العقليّة للظاهرات.
“رسموا كائناتٍ ليست من ورق،
بل ذات تجربةٍ في العالم،
كتبوا عن الألم وهشاشة الجسد وأشواق النفس؛
فنقرأ قراءةً أكثر إنسانية عن كائنات تشبهنا
لها أشواقها الروحية.”
مراجعات
لا توجد توصيات بعد.