هذه قصة رمزية تقوم على أن الإنسان فى وسعه أن يرتقي بنفسه من المحسوس إلى المعقول، وذلك بتوجهه إلى الله وأن المعرفة تتطلب السعى لإكتشافها، فالحواس توصل إلى الذات والفناء في الله لا يقوم إلا على المعرفة بعبودية الله والإخلاص له. وذلك يقربنا من الخالق وليس المخلوق فتكون غايتنا هي القرب من الله وطاعته والعمل بكل ما أمرنا به. وهنيئا لكل من تقرب إلى الله وتكشفت أمامه الحقائق الدينوية وعرف أن الآخرة هي خير وأبقى.

صب ابن طفيل في هذه القصة آراءه القائلة بعدم التعارض بين العقل والشريعة أو بين الفلسفة والدين في قالب روائي قصصي. وتمثل القصة العقل الإنساني الذي يغمره نور العالم العلوي، فيصل إلى حقائق الكون والوجود بالفطرة والتأمل بعد أن تلقاها الإنسان عن طريق النبوة.

تؤكد قصة حي بن يقظان على أهمية التجربة الذاتية في الخبرة الفكرية والدينية. وقد قدم ابن طفيل حي بن يقظان كدليل على ذلك، وقد تركت آثارها على كثير من الجامعات والمفكرين وتُرجمت إلى اللاتينية واللغات الأوروبية الحديثة.

في قصة حيّ بن يقظان جوانب من النضج القصصي، وإن كان قالب القصة ليس سوى إطار لصب الآراء الفلسفية والصوفية في النص. وقد كتب كثير من النقاد عن قصة حي بن يقظان وتأثيرها في الأدب العالمي، كما قدرّروا الجهد القصصي لابن طفيل فعدوا حيَّ بن يقظان أفضل قصة عرفتها العصور الوسطى جميعًا.