غاص محمد كردعلي في تراث العرب الحافل، من الجاهلية مروراً بعصور العرب والمسلمين المشرقة والمظلمة حتى التاريخ الحديث مستطلعاً وباحثاً وشارحاً ومشرّحاً لكل العناصر المتشابكة في هذا التراث من لغة وسياسة ودين وأدب وثقافة، ورغم تحيزه الواضح لأمة العرب ورفعه رايتها ودفاعه عن قضاياها، فإن “علّامة الشام” ف
ي دراساته وبحوثه هذه حول التراث لم يكن إقليمياً ضيق الأفق، بقدر ما كان عالماً منفتحاً على نتاج الأمم الأخرى، ومنصفاً للقارىْ بفتح الأفق لعقله وذوقه للمقارنة بين تراث أمته العريق وما جادت به قريحة علماء العرب الأفذاذ مع أعلام الأمم الأخرى والأقطار القريبة والبعيدة. لقد شغف محمد كرد علي بأمته التي أنجبته، وأوطان العرب التي أنبتته، فأخلص الود في كل نتاجه لنفض الرماد عن جواهرها الرفيعة، وخلاصة فكرها وتراثها، فكان لا بد لدار الرافدين أن تذكّر بأياديه البيضاء وتفانيه في سبيل استنهاض أمته، ورأينا لزاماً علينا أن نحرص على تخليد ما كتب وحقّق في سلسلة “استعادات” يمثل “في تراث العرب والمسلمين” أوّل أجزائها.
مراجعات
لا توجد توصيات بعد.